شكلت المعرفة الأنثروبولوجية حول المغرب وموريتانيا ميدانا لمنعطفات وتحولات تأسيسية في الممارسة الأنثروبولوجية ما بعد الكولونيالية، منذ بداية ستينيات وسبعينات القرن الماضي مع وصول جيل جديد من الأكاديميين من أوروبا وأمريكا. حيث مثل هذان البلدان مختبرا إثنوغرافيا لتطوير و-أو اختبار نظريات ومقاربات أنثروبولوجيّة، وإعادة استخدام وتشغيل مفاهيم موصوفة، أحيانا، بكونها عابرة للثقافات والمجتمعات ينشغل البحث بالنظريات المنتجة في سياق المقاربة التأويليّة التي طُبقت ضمن البرنامج البحثي الذي قاده كليفورد غيرتز بمشاركة عدد من الباحثين (هيلدرد غيرتز، لاورنس روزن، بول رابينوف) ضمن سلسلة أعمال ألهمت، سيما على المستوى النظري، جيلا من الباحثين اللاحقين (ديل إيكلمان، كيفن دواير). بينما، يضع البحث في مستوى ثان، موضع نقد ومقارنة تطبيقات النظريّة الانقسامية على الميدانين المغربي، من خلال الأعمال التأسيسية لإرنست غيلنر ودافيد هارت، والموريتاني؛ من خلال نسخة نظرية معدلة جذريا من قبل بيير بونت وأخرى، خضعت للترميق النظري من قبل شارل ستيوارت يُساءل هذا البحث الشّروط النظريّة المتعلقة بإنتاج هذه المعرفة الأنثروبولوجية من خلال التركيز على ثلاثة ركائز أساسيّة هي: الأسس الإبيستيمولوجية والمنهجية لتجريب واختبار هذه النظريّات. البراديغمات الكبرى التي وجهت هذه الأبحاث. الفجوات بين الخطاب النظري والواقع الإثنوغرافي المحلي وتتمركز الأسئلة البحثية التي نهدف الإجابة عليها في: ما هي المكانة الإبيستيمولوجية للنظرية والتنظير في الممارسة البحثية الأنثروبولوجية الأوروبية والأمريكية حول المغرب وموريتانيا وما هي الحدود التفسيرية لهذه النظريّات؟ وهل استطاعت هذه المعرفة تطوير معرفتنا الأكاديمية ؟ تعتمد المقاربة المنهجيّة على المقارنة بين هذين التراثين النظريين وتطبيقاتهما في موريتانيا والمغرب من أجل فهم الفجوات المنهجية والتحديات الإبيستيمولوجية المتعلقة بنزعات «إسقاط النماذج النظرية» ونزع «الطابع المحلي» المتبناة في عدد من هذه الأبحاث من خلال المقابلة بين هذه المعارف النظرية والمعارف المنبثقة عن الفهم المحلي لهذه المجتمعات ويعتمد البحث من الناحية المنهجية، تحليل مضامين خطابات هذه الأدبيات الأنثروبولوجية من أجل فهم معمق لميكانيزمات تشكل الممارسة البحثية النظرية حول هذين البلدين وأيضا، من خلال بحث المداخل النقدية لمناقشة الخطابات النظريّة الوجيهة لتفسير ديناميات اشتغال هذه المجتمعات