تنتمي هذه النظرية إلى زمرة النظريات التي حظيت باهتمام بالغ من شتى حقول المعرفة وذلك لأثرها الواضح ومساهمتها البينة في انكبابها على شرح وتفسير التحولات العميقة التي عرفتها المجتمعات البدائية ما قبل الرأسمالية، ولا شك أن السوسيولوجي الفرنسي إيميل دوركايم أول من أشار إلى هذا المفهوم ووظفه في دراسته الموسومة بتقسيم العمل الاجتماعي في تناوله للكيفية التي تتطور بها المجتمعات من مراحل دنيا إلى أخرى عليا ومن أشكال بسيطة إلى أخرى معقدة ومركبة، أو بحسب تعبير دوركايم من أشكال التضامن الميكانيكي إلى اشكال التضامن العضوي. حاول دوركايم من خلال دراسته السالفة الذكر تبيان كيفية الانتقال من أشكال التضامن القائم على التشابه والتماثل والمسمى بالميكانيكي إلى التضامن المتميز عن النوع السابق المستند إلى الاختلاف والمرتكز على التنوع والتباين دون إلغائه لشرط التكامل الوظيفي المؤدي حتما إلى تقسيم العمل في هذه المجتمعات المتصفة بالتضامن العضوي. يعتبر إميل دوركايم التضامن العضوي صفة مميزة لتقدم المجتمعات الغربية؛ الأوروبية والأمريكية، في حين يجعل من صفة الميكانيكية سمة مميزة للحضارات غير الغربية؛ أي نمط بدائي منتشر حيث سيادة القبيلة والعشيرة حيث لا وجود لتوزيع الأدوار وتقسيم العمل. من الأمثلة المبينة لترجمة هذا الاتجاه في الدراسات نجد الدراسة التي قام بها جون واتر بوري الذي انطلق في دراسته للمجتمع المغربي من اعتبار القبيلة المكون المحوري الذي انبت عليه هذه النظرية معتبرا أن هناك وحدات انقسامية أخرى متفرعة من هذا النسق تبدأ بالقبيلة لتصل إلى العائلة وبنيات انقسامية أخرى في هذا النسق الانقسامي. لقد تعرضت هذه النظرية للعديد من الانتقادات من طرف الباحثين المغاربة الذين وصفوها بالقصور والسطحية في تناولها لخصوصية المجتمع المغربي وذلك من طرف ثلة من الأعلام والقامات الفكرية أبرزهم عبد الله العروي وعبد الله حمودي وغيرهما من الباحثين الذين وضعوا المجتمع المغربي تحت الدراسة والتحليل السوسيولوجي والتاريخي والأنثروبولوجي.